منتديات مراسيل العشق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة الطالبة موضي--قصة عجيبة ( الجزئ الثاني)

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

قصة الطالبة موضي--قصة عجيبة ( الجزئ الثاني) Empty قصة الطالبة موضي--قصة عجيبة ( الجزئ الثاني)

مُساهمة من طرف المتدور الجمعة فبراير 06, 2009 1:27 pm

وأني لم أصدق كلامها ، فأزاحت عباءتها ، ورفعت
ثوبها عن موضع الاصابة ، دون أن تتكلم ، أو ترفع
رأسها . كان جرحا سطحيا ، تيبس الدم حوله . ليس
عميقا ، لكنه بدا ، بلونه الداكن ، وتشققاته ،
التي أبرزها إهابها الأبيض الرقيق ، مثيرا للألم
والشفقة . أغلقت الباب ، وركبت من الناحية الأخرى
. كانت ما تزال مطأطئة راسها .. أعرف أني جرحت
كرامتها .. كثيرا ما نوقع أذى بهذا الحجم وأكثر ،
بالآخرين .. وكثيرا ما يكون ذلك بدافع من الشعور
بـ (طهرانية) مبالغ فيها لذواتنا .. والشعور بـ
(دنس) الآخر ، وقابليته للخطيئة ، التي تحتاج إلى
(مخلص) مثلنا .. لم يقف يوما في صف ، ويسمع ...
"من كان منكم بلا خطيئة .. فليرمها بحجر ..." ..
وأحيانـا نمارس الأذى ، ونوقعه بقسوة .. لا تعطي
فرصة للتجاوز .. على من نحب .. بدعوى الحب .. كيف
يؤذي من يحب ...؟ حاولـت أن أغير الموضوع ، وألطف
الموقف ، بسؤالها عن ماذا تريد أن تأكل ، لكنها لم
ترد. فكرت أن أشتري لها سندويتشات وعصير ، لكني لا
أعرف محلا قريبا ، يقدم هذا النوع من الفطائر ،
وعملية البحث ستأخذ مني وقتا . اتجهت إلى مطعم
قريب ، يقدم وجبات سريعة . في الطريق إليه لمحت
صيدلية .. نزلت وأشتريت شاشا ومعقما ولاصقا .
وصلنا المطعم .. قلت لها : - انزلي ... - إلى أين
..؟ - إلى المطعم .. لتفطري ... نزلنا وفي قسم
العائلات ، أخذنا إحدى المقصورات . كانت تتلفت ..
واضح أنها تدخل مطعما لأول مرة .. قالت ببراءة : -
آكل قدام الناس ... ما يشوفوني الرجال ..؟ - لا ..
أنت لوحدك هنا .. تيقنت أنها بريئة .. ولم تتمرس
على الانحراف .. تستحي أن يراها الرجال كاشفة
وجهها وهي تأكل .. الحياء لا يتكلف ، ولا يصطنع ..
التظاهر في مثل هذه المواقف ، بغير الحقيقة ،
يتطلب درجة عالية من الخبث ، والتمرس على المكر ..
لا يمكن أن تتقنه طفلة في هذا السن .. وأوجعني
قلبي مرة أخرى .. أن ظننت بها ظن السوء .. ، ،
طلبت لها أكلا ، وسألتها إن كانت تريد عصيرا بعينه
، قالت : - أبغي (كوتيل) .. - تقصدين كوكتيل ...؟
- ما أدري .. أسمع البنات يقولون ، عصير (الكوتيل)
حلو ... مرة أخرى يبرح بي الألم .. تبدو لغة
المحرومين .. ساذجة .. بريئة ، لكنها تدمي القلب .
يحق لك أن تزهو .. إبن الطبقة الوسطى ، أو فوقها
بقليل .. تعرف الكوكتيل .. والسكالوب .. والستيك
.. ها أنت أمام كائن يشاركك نفس الكوكب ..ونفس
الوطن .. بل على الطرف الثاني من المدينة .. ربما
لم يعرف سائلا غير الماء في حياته .. أو معلبات
الكولا ، التي تعمل عمل الأسيد في قنوات جهازه
الهضمي . إنه (البرجوازي) البشع .. يتربع في داخلك
.. كتمثـال من البرونز .. منصوب في ميدان ، في
عاصمة (رأسمالية) .. يأتيه العمال ، والمهاجـرون
المغتربون .. المسحوقون .. يتمسحون فيه .. ويطوفون
حوله .. يلتقطون الصور التذكارية .. ويصطنعون عنده
(لقطات فرح) .. انتزعوها من بقايا آدمية مطحونة ..
في قيعان المناجم .. أو بين هدير ألات المصانع ..
يتفصدون دما .. وعرقا ، يصنع منه طلاء .. يحفظك من
الصدأ .. ويبقيك لامعا .. متوهجا .. ليؤموك مرة ،
تلو أخرى .. صرت (ربا) صنما .. حولك .. (يولد) فرح
المسحوقين .. ومن عصارة أجسادهم تبقي لامعا ..
لتسعدهم .. أي فخر أعظم من هذا ...؟ جاء الأكل ،
واستلمته من العامل ، ووضعته على الطاولة .. وقلت
لها : - أفطري .. بعد عشر دقائق أرجع لك .. - وين
تروح ..؟ - أتركك .. تأخذين راحتك .. ، ، ، - لا
.. لا تتركني .. أنا راحتي معك .. انتفض قلبي
لعبارتها .. تملكني براءة الأنقياء .. وصدق
المشاعر .. تذكرت الشاش والمعقم الذي اشتريته ،
فأخبرتها أني سأذهب لإحضار بعض الاغراض من السيارة
. كنت أريد أن أدعها لوحدها ، حتى تنتهي من
إفطارها ، ولأحضر تلك الاغراض لتطهير جرحها .. رغم
أني تعمدت التأخير ، إلا أنني حينما عدت ، كانت ما
تزال في بداية وجبتها . شعرت بحرج ، لكنها نظرت
إلى بعينين ساكنتين ، وقالت : - خفت .. لما تأخرت
علي .. جلست أرقبها تتناول الطعام . تتصرف بهدوء
وعفوية ، دون إحساس بالمكان حولها .. كانت جائعة
فعلا ... طريقة إلتهامها للطعام .. تلقائيتها في
التصرف .. حينما نزعت غطاء وجهها ، الذي كان يتدلى
على كتفيها ، ووضعته على الكرسي بجانبها .. تنقلها
بين صنف وآخر من الطعام بدون أي (إتيكيت) .. كأنما
تتذوق (العالم) لأول مرة .. بل هي كذلك .. إنها
الدهشة التي تصيبنا ، حينما نصادف الاشياء للمرة
الأولى ، فنتصرف مثل الاطفال ... "أوووه أيها
المترف" .. يلج نداء في داخلي .. "أصبحت تعلم
المحرومين الاتيكيت" .. أصبحت انت (الاستاذ) ..
وغيرك حولتهم الدهشة إلى أطفال .. لم لا تفهم ..؟
إنه الجوع ، والحرمان .. والبراءة التي ما تلوثت
.. شعرت بفيض من الحب يغمر قلبي تجاهها .. براءتها
.. عفويتها .. تلقائيتها .. والشعور بالامان الذي
هبط عليها ، وهي معي .. فنسيت العالم من حولها .
حينما يسكن إنسان إليك ، تعتريك حالة من الاستسلام
.. والحب اللانهائي .. تأمل حينما يدفن طفل رأسه
في حجرك .. ويغفو .. تنتابك حال من الاستسلام
غريبة .. وتحس أن قلبك تحول إلى مهد له .. لوحده
.. وتتمنى لو توقف العالم كله من حولك .. بساعاته
.. وسياراته .. وضجيجة كله .. لكي لا يصحو .. ، ،
هكذا كان شعوري نحوها .. وأنا أنظر إليها ..
تحيلني سكينتها .. وإطمئنانها إلي .. إلى (إنسان)
.. قال عنه عبدالكريم يوما ، إنه غير موجود ..
وددت لو أخذتها إلي .. وضممت رأسها إلى صدري ..
ليذوب الجليد .. لأبكي .. لأستعيد إنسانيتي
المهدرة .. أليس شيئا هائلا أن تجد إنسانا يسكن
إليك .. و .. تسكن إليه .. ؟ تذكرت صاحب السيارة
الذي قذفها ، فتداعى إلى ذهني مخزون هائل من
اللعنات ... أي نفس سويه يسوغ لها أن تفتك ببراءة
مثل هذه ..؟ أي توحش قادر على أن يغرس خنجر الغدر
في هذا الطهر الفطري ...؟ كنت ساهما .. أهلوس بمثل
هذه الأفكار .. وأتذكر كثيرات .. فتك بطهرن ..
بسبب مثل هذه البراءة ، والعفوية .. جالسا قبالتها
.. شاخصا .. صامتا ، حين قالت ، وهي ترفع خصلة شعر
سقطت على وجهها : - كثر الله خيرك .. دبت الحياة
في محياها ، بعد الجوع والعطش ، كما نبت الحياء في
أرض مجدبة .. غمرها الغيث .. وجهها عاد أكثر بشاشة
.. جبينها العريض صار أكثر ضياء .. عيناها ، كأنما
أوقدت فيهما قناديل فـرح .. امتد وهجها إلى
ثناياها ، فازدادت ألقا .. لتصنع لها إبتسامة آسرة
.. كلما افتر ثغرها .. عندما أنهت ترتيب عباءتها ،
وشرعت تضع غطاء رأسها ، ووجهها في مكانه ، قلت لها
: - لابد أن أعقم الجرح ، حتى لا يلتهب ... هزت
رأسها موافقة . رفعت ثوبها إلى حدود الجزء الممزق
، ليظهر الجرح ، ولأتمكن من تنظيفه . أخبرتها أن
المادة المعقمة تحتوي على مادة قلوية ، وستشعر
نتيجة لذلك بألم ، وعليها أن تتحمل . ، ، كنت قد
أنهيت تنظيف الجرح ، ووضعت الشاش واللاصق عليه ،
وأتهيأ للنهوض ، حين شعـرت بكفيها تطبقان على
جانبي رأسي ، وتأخذه إليها ، ثم تنحني وتطبع قبلة
على جبيني ، وتقول : - يا ليتك (أخوي) ... يا ليتك
... وسكتت .. رفعت رأسي ، ونظرت إلى وجهها .. كان
ينطق بكل اللغات .. إلا لغة الجسد .. لقد تلاشي
الجسد ، كوسيلة تعبير بيننا .. ولم يكن ثمت إلا
أنا .. ودوائر من النور .. تلتمع في مساحات وجههـا
.. الـذي غدا أمامي كمحراب هائل .. طفقت أردد فيه
الصلوات .. - اعتبريني أخا لك ... قلتها وأنا أنهض
، وهي تتبعني بنظراتها .. وتغالب دمعتين .. عقربا
الساعة في سباق ، الصغير يؤشر على الرقم 11 ،
والكبير إلتحم بالرقم 2 .. لا أدري أيهما سبق . لم
يعد لتقسيم الفراغات في تلك الدائرة التي يسمونها
(ساعة) ، أي معنى لدي ... في لغة الوقت ، التي
أخترعوها ، الساعة الآن هي الحادية عشرة وعشر
دقائق .. أما الوقت لدي ، فقد اختزل إلى بداية
ونهاية .. كلاهما إسمه .. موضي .. الزمن فيه لا
يحسب بالعقارب .. ولا بفراغات الدائرة ،
وتقسيماتها ... إبتدأ بفتاة تقذف من سيارة ،
كنتيجة مبكرة لعملية سوف تتم ، بالضرورة لاحقا ،
وتحدث في كل لحظة ، يدفع الطرف الأضعف فيها ..
دائما ، الثمن الباهض من شرفه .. وكرامته ،
وإنسانيته .. وحقه المفترض في حياة كريمه .. لا
تخضع لإبتزاز المال .. ونفوذ السلطة .. تأتي
المرأة ممثلا (مواظبا) للطرف الاضعف .. الممتهن ..
المبتز .. المستهدف .. المقذوف .. ليس من سيارة
يمتلكها مترف ، (قادر) .. بل من حقها .. أن يكون
لها كينونة .. في بعدها الانساني .. لها اعتبارها
.. وكرامتها .. ضمن القانون السرمدي : "وكرمنا بني
آدم" ... ، ، ينتهي الوقت .. متى ينتهي ..؟ عند
الساعة الواحدة .. حينما تدلف موضي ، بخطوات
متوجسة إلى بيت أهلها ..؟ وقت طويل .. لو كان
الزمن يقاس بعذابات المحرومين وأوجاعهم ..
وبأحلامهم التي تنتهي تحت أقدام نزوات (القادرين)
.. وصلت إلى مقر عملي .. ونزلت .. لم يتبق وقت
للعمل اليوم . تركتها في السيارة ، وذهبت لإنجاز
بعض الأعمال المعلقة ، ولأعتذر عن التأخير .. وعن
بقية اليوم . بدوت أمام الزملاء متوترا .. شارد
البال .. غير قادر على التركيز .. وقعت اسمى في
المكان غير الصحيح أكثر من مرة .. وأختلف توقيعي
عن الآخر أكثر من مرة .. ناديت أحد الموظفين بغير
اسمه .. ظروف عائلية ... كان هذا هو التبرير ..
وانسحبت .. جزء من الشرود والتوتر الذي انتابني في
العمل ، كان بسبب الضغط النفسي الذي فرضه التفكير
المتواصل في أمرها .. لقد قررت أن لا أنزلها عند
المدرسة .. سيطر علي هم واحد : هـل أتركهــا تذهب
بهذه البساطة .. دون أن تتعلم درسا ، يمنعها من
العودة لنفس السلوك ..؟ هل أدعها تعود لبيت أهلها
.. لتعود بعد ذلك لنفس الطريق .. عدت إلى السيارة
بغير الوجه الذي ذهبت به .. مهمومـا .. متجهما ..
ومتوترا .. ضاقت على الأرض بمارحبت .. ركبت ،
وسحبت الباب خلفي بقوة .. ولم أكلمها .. كنت ،
حينما خرجنا من المطعم ، قد ألنت لها القول ،

المتدور
مرسال جديد
مرسال جديد

عدد الرسائل : 14
تاريخ التسجيل : 06/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

قصة الطالبة موضي--قصة عجيبة ( الجزئ الثاني) Empty رد: قصة الطالبة موضي--قصة عجيبة ( الجزئ الثاني)

مُساهمة من طرف مراسيل العشق الجمعة فبراير 27, 2009 12:45 pm

ماقصرت اخوووي يعطيك اف عافية

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى